السبت، 31 مايو 2014

قف للمعلم



قديمًا قالوا : قف للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولاً

قالوا ذلك لأنهم أدركوا أهمية المعلم ، فهو يحمل رسالة عظيمة ينقلها للتلاميذ جيل بعد جيل .

و لما قالوا أن المدرسة فى بيت التلميذ الثانى ، فذلك يعنى أن المعلم هو والده و أخوه فى هذا البيت ، مسئول عنه و عن تربيته ، فالمعلم ليس فقط الشخص الذى يدخل الفصل ليشرح الدرس ثم يخرج بعدها ، و لا شئ بينه و بين الطالب غير المنهج الدراسى ، و لكن لابد أن يكون بينهما ما هو أكبر من ذلك .

و علينا أن ننتبه جيدًا لهذا الكلام . لماذا ؟

إن المرحلة العمرية لطلبة المدارس محصورة فى مرحلتين هما : الطفولة و المراهقة ، و هاتين المرحلتين من أهم و أخطر المراحل العمرية فى حياة الإنسان ؛ فعلى أساسهما تتكون شخصية الإنسان و مستقبله ؛ فالطفل يكتسب مهارات جديدة و يحب تقليد الكبار ، و المراهق يتخذ من الكبير قدوة و مثل أعلى ، و يحتاج إلى قدر أعلى من التوجيه مصحوبًا بمحبة و صداقة بينهما .

لذا علينا أن ننتبه لما نزرعه فى هذه الأرض الخصبة ؛ لأننا سنجنى ما زرعناه .

المعلم يعمل على محورين : الأول توصيل المعلومة بطريقة سهلة و توسيع مدارك الطلبة ، و جعلهم فى غنى عن الدروس الخصوصية ، و الثانى أنه يكون كما ذكرنا كالأب أو الأخ ، فيغرس فى قلب الطالب من غرسه و يزرع فيه من زرعه و يروى ما يفعله بمعالم فضله .

فهو له ناصح أمين ، حافظ للأسرار ، و مساعد له فى بعض الأزمات ، و قدوته ، فعليه أن يغرس فى قلب الطالب شجرة كبيرة أوراقها الحياء و المعرفة ، و أغصانها الأخلاق و الفضيلة ، يبذر فى قلبه الخير و الحب و العطاء ، و طوبى للمعلم الذى يفعل ذلك ؛ فكما قال صلى الله عليه و سلم : " إن الله و ملائكته حتى النملة فى جحرها ، و حتى الحوت فى البحر ليصلون على معلم الناس الخير " (رواه الطبرانى و صححه الألبانى)

و السؤال المطروح الآن هو كيف نصل لهذه الصورة :

لكى يكون المعلم بهذه الصورة يجب أن يكون ملمًا بثلاثة أشياء ، حسب ماقاله علماء النفس هى :

1)   مادة التخصص أو المادة التى يدرسها ، و لا يكتفى فقط بالمنهج أو ما درسه فى الكلية بل يبحث و يعرف أكثر .

2)   طريقة إيصال هذه المادة إلى الطالب ، فتكون بطريقة سهلة شيقة .

3)   نفسية الطالب و عقليته ، فيعرف كيف يتعامل مع مختلف الشخصيات ، و يطبق بعض من علوم التنمية البشرية و فنون التربية مع طلابه .

و حتى يتم ذلك بطريقة صحيحة يجب أولاً التعرف على استعدادات و قدرات المعلم و شخصيته و عقليته ، و الطريق الذى يسلكه فى عملية التعليم ، و توفير كل ما يحتاجه ، و تحسين وضعه حتى يلبى بلاء حسنًا .

و بصراحة الأمر يستحق أكثر من ذلك ؛ فالمعلم هو صانع المستقبل و هو من يبن الأمم . فكما قال الشاعر :

أرأيت أعظم أو أجل من الذى * يبنى و ينشئ أنفسًا و عقولاً


و ما أقوله ليس بخيال و إنما هو وليد تجارب ناجحة عشتها ، و نماذج رائعة رأيتها





و دمتم فى رعاية الله

بقلم :
آية حسنى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق