قديمًا قالوا : قف للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولاً
قالوا ذلك لأنهم أدركوا أهمية المعلم ، فهو يحمل رسالة عظيمة ينقلها
للتلاميذ جيل بعد جيل .
و لما قالوا أن المدرسة فى بيت التلميذ الثانى ، فذلك يعنى أن المعلم هو
والده و أخوه فى هذا البيت ، مسئول عنه و عن تربيته ، فالمعلم ليس فقط الشخص الذى
يدخل الفصل ليشرح الدرس ثم يخرج بعدها ، و لا شئ بينه و بين الطالب غير المنهج
الدراسى ، و لكن لابد أن يكون بينهما ما هو أكبر من ذلك .
و علينا أن ننتبه جيدًا لهذا الكلام . لماذا ؟
إن المرحلة العمرية لطلبة المدارس محصورة فى مرحلتين هما : الطفولة و
المراهقة ، و هاتين المرحلتين من أهم و أخطر المراحل العمرية فى حياة الإنسان ؛
فعلى أساسهما تتكون شخصية الإنسان و مستقبله ؛ فالطفل يكتسب مهارات جديدة و يحب
تقليد الكبار ، و المراهق يتخذ من الكبير قدوة و مثل أعلى ، و يحتاج إلى قدر أعلى
من التوجيه مصحوبًا بمحبة و صداقة بينهما .
لذا علينا أن ننتبه لما نزرعه فى هذه الأرض الخصبة ؛ لأننا سنجنى ما زرعناه
.
المعلم يعمل على محورين : الأول توصيل المعلومة بطريقة سهلة و توسيع مدارك
الطلبة ، و جعلهم فى غنى عن الدروس الخصوصية ، و الثانى أنه يكون كما ذكرنا كالأب
أو الأخ ، فيغرس فى قلب الطالب من غرسه و يزرع فيه من زرعه و يروى ما يفعله بمعالم
فضله .
فهو له ناصح أمين ، حافظ للأسرار ، و مساعد له فى بعض الأزمات ، و قدوته ،
فعليه أن يغرس فى قلب الطالب شجرة كبيرة أوراقها الحياء و المعرفة ، و أغصانها
الأخلاق و الفضيلة ، يبذر فى قلبه الخير و الحب و العطاء ، و طوبى للمعلم الذى
يفعل ذلك ؛ فكما قال صلى الله عليه و سلم : " إن الله و ملائكته حتى النملة
فى جحرها ، و حتى الحوت فى البحر ليصلون على معلم الناس الخير " (رواه
الطبرانى و صححه الألبانى)
و السؤال المطروح الآن هو كيف نصل لهذه الصورة :
لكى يكون المعلم بهذه الصورة يجب أن يكون ملمًا بثلاثة أشياء ، حسب ماقاله
علماء النفس هى :
1)
مادة التخصص أو المادة التى يدرسها ، و لا
يكتفى فقط بالمنهج أو ما درسه فى الكلية بل يبحث و يعرف أكثر .
2)
طريقة إيصال هذه المادة إلى الطالب ، فتكون
بطريقة سهلة شيقة .
3)
نفسية الطالب و عقليته ، فيعرف كيف يتعامل مع
مختلف الشخصيات ، و يطبق بعض من علوم التنمية البشرية و فنون التربية مع طلابه .
و حتى يتم ذلك بطريقة صحيحة يجب أولاً التعرف على استعدادات و قدرات المعلم
و شخصيته و عقليته ، و الطريق الذى يسلكه فى عملية التعليم ، و توفير كل ما يحتاجه
، و تحسين وضعه حتى يلبى بلاء حسنًا .
و بصراحة الأمر يستحق أكثر من ذلك ؛ فالمعلم هو صانع المستقبل و هو من يبن
الأمم . فكما قال الشاعر :
أرأيت أعظم أو أجل من الذى * يبنى و ينشئ
أنفسًا و عقولاً
و ما أقوله ليس بخيال و إنما هو وليد تجارب ناجحة عشتها ، و نماذج رائعة
رأيتها
و دمتم فى رعاية الله
بقلم :
آية حسنى