كل زمن يختلف عن الآخر ، و باختلافه يختلف التفكير و تختلف بعض العادات ،
كثيرًا ما يحكى لنا الأباء و الأجداد عن الأخلاق التى كانت تحكم تصرفاتهم ، فكل
شخص يعرف ما له و ما عليه ، و يعرف حدود تصرفاته ، و بمرور الزمن كانت الأمور تسير
كما هى إلا بعض التغيرات التى حدثت لمواكبة التطور ، إلا أنه فى السنوات الأخيرة
اختلف الأمر اختلافًا جذريًا ؛ فأصبح كل شخص يرى أنه حر فى كل تصرفاته ، و لكن
قديمًا قالوا أنت حر ما لم تؤذ غيرك ، و هذا ما نسيه الجميع ؛ فأصبح كل شخص يتصرف
و لا يخاف عقاب و لا يحسب حسابًا لكبير أو لقانون أو تقاليد أو حتى دين ، أصبح كل
شخص لا يرى إلا نفسه .
فلا تجد مراعاة للغير ، الإخلاص و الأمانة و الصدق أصبحوا عملة نادرة ، الأخلاق
أصبحت غريبة عنا ؛ فتجد من يشتم و يسب و بأفظع الألفاظ و لا رد فعل ، تجد من
يتطاول على الفتيات و لا أحد يمنعه ، تجد من يسرق و يقتل و إمساكه صعب ، و الكثير
و الكثير من الظواهر الغريبة عن مجتمعنا .
أنا لا أقول أننا نعيش حياة سوداء أو نعيش فى غابة ، و لكن ألفت النظر لأمر
تغاضى عنه البعض و نسيه البعض الآخر ، فهذه الأمور دخيلة على مجتمعنا و يجب علينا
أن نحاربها و لا نتركها تنتشر بهذه الطريقة .
أسباب الانفلات الأخلاقى :
يقول بعض الخبراء النفسيين أن هذه الأمور انتشرت بعد ثورات الربيع العربى ؛
لأن الناس كانت تشعر بكبت فاق الوصف و بمجرد إسقاط رموز الديكتاتورية ، أحسوا أنهم
أحرار ، و لكنهم فهموا معنى الحرية بصورة خاطئة ، ففعلوا كل ما يحلوا لهم تحت اسم الحرية ، و من
هنا بدأ يحدث حالة من الانفلات الأخلاقى .
و لكن ما ساهم فى حدوث ذلك هو عدم الاهتمام بالتربية فى المدارس ، انشغال
الوالدين عن تربية الأولاد ، غياب القدوة الصالحة ، وسائل الإعلام .
طرق علاجه :
يجب علينا أن نحارب كل صور هذا الانفلات بكل ما نملك من قوة ، لأن ما نزرعه
اليوم سنحصده غدًا ؛ فبقاء الدولة و استمرارها مرهون بتمسكها بالأخلاق ، و العكس
صحيح إذا تخلت عن الأخلاق و الآداب انهارت و قال أمير الشعراء أحمد شوقى فى ذلك :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت
أخلاقهم ذهبوا
·
للأسرة دور هام فى علاج هذا الانفلات بل يمكن
القول أنها المسئول الأول عن ذلك ، فيجب العمل على زرع الأخلاق و القيم غى نفوس
أبنائها و عم الانشغال عنهم ، و ذلك عن طريق اكتساب ثقة الأبناء و توجيههم ليكونوا
شبابًا صالحين ، قال الرسول صلى الله عليه و سلم : " كلكم راع و كلكم مسئول
عن رعيته " (متفق عليه)
·
لوسائل الإعلام تأثير قوى فى نفوس الشباب فهى
ساهمت فى حدوث هذا الانفلات ؛ و ذلك عن طريق تزيين السلوكيات السيئة و الرغبة فى
جذب المشاهد بغض النظر عن المحتوى .
و لكنها قادرة على علاجه ؛ و ذلك عن طريق انتقاء
ما يتم عرضه ، و عدم الانسياق وراء ما يريده البعض من أفلام أو برامج مخلة بل
العمل على تهذيب أذواقهم ، و مخاطبة العقل لا الغرائز .
·
لأنه لا يمكن فرض
رقابة كاملة على الإعلام يظهر هنا دور المؤسسات التربوية و رجال الدين ، فعليهم أن
يكونوا لهم قدوة بدلاً من النماذج السيئة التى يرونها فى الإعلام ؛ فالشباب دائمًا
يقلدون النموذج الذى يجدونه أمامهم ، أيضًا يجب غرس الآداب و الأخلاق فى نفوسهم ،
و إعلاء القيم الدينية و الروحية .
و دمتم فى رعاية الله
بقلم :
آية حسنى